❞ كتاب هذا القرآن في مائة حديث نبوي ❝  ⏤ د.محمد زكي

❞ كتاب هذا القرآن في مائة حديث نبوي ❝ ⏤ د.محمد زكي

أما وقد اتخذ عامة المسلمين هذا القرآن مهجورا، فلا أقل من التذكير بفضائله فإن الذكرى تنفع المسلمين.

في هذا الكتاب مائة من أحاديث الرسول ﷺ، تم تبويبها في تسعة أبواب.

تحوي المجموعة الأولى ثمانية أحاديث في فضائل تلاوة القرآن ومكانة قارئ القرآن عند الله في الدنيا والآخرة. وتضم المجموعة الثانية تسعة أحاديث في تعلم القرآن، بينما تحوي المجموعة الثالثة على ثمانية أحاديث أخرى في حفظ القرآن واستظهاره والحذر من نسيانه وفضائل من يحفظ القرآن.

أما لب الكتاب فهو في الباب الرابع ألا وهو العمل بالقرآن. في هذا الباب أربعة عشر حديثا في فضائل العمل بالقرآن وإحلال حلاله وتحريم حرامه والتمسك به والتحذير من ترك العمل به والإعراض عنه فهو وصية الله تعالى ورسوله في المسلمين.

تحوي المجموعة الخامسة من الأحاديث اثني عشر حديثا في كيفية تلاوة القرآن والإعتناء بترتيله وتجويده والاستماع والإنصات والخشوع عند سماعه. وفي الباب السادس مجموعة من ثمانية أحاديث في أوراد القرآن وختمه وتحزيبه والدعاء عند ختمه في ما أثِرَ عن رسول الله ﷺ وأفضل تلاوة القرآن في الصلاة. ففي الأحاديث من ٦٠ - ٧١ بعض ما ورد عن تلاوة رسول الله ﷺ في الصلوات الخمس والسنن والنوافل وعن سجود التلاوة. وقد اختصت بعض سور القرآن الكريم بفضائل على غيرها. من هذه السور الفاتحة والبقرة وآل عمران والكهف ويس والدخان والواقعة والإسراء والزمر والملك والزلزلة والإخلاص والمعوذتين والكافرون. ومن الآيات الكرسي وخواتيم سورة البقرة وخواتيم سورة الحشر. وهذه السور والآيات هي موضوع الباب الثامن الذي يضم ٢١ حديثا والمجموعة الأخيرة من الأحاديث تتكون من ثمانية أحاديث موضوعها الرقية بالقرآن وأخذ الأجر على تلاوته.

هذا الكتاب ليس شرحا للأحاديث الواردة فيه بل هو سرد لمأثورات وتأملات توحيها هذه الأحاديث النبوية الشريفة. ومن أراد المزيد فليرجع إلى أمهات كتب الحديث وشروحها وكتب التفسير. وحسب هذا الكتاب أن يلفت الأنظار إلى أهمية تلاوة كتاب الله وتعلمه وحفظه والعمل به فمن رأى أنه لم يؤد حق كتاب الله كما أمر الله تعالى فعليه أن يعقد العزم على أن يتوب إلى الله وينيب إليه ويسعى إلى رضاه فالله أشد سعيا نحو العبد من سعي العبد نحو ربه إذا ما صدقت نيته وحسن عمله.

تبلغ الأحاديث الواردة في فضائل القرآن الكريم وتفسيره المئات بل ربما الآلاف. وما اختير هنا ما هو إلا أشهرها. ولم نتطرق إلى شيء من التفسير لأن ذلك تختص به كتب التفسير وكتب الحديث المطولة. إن معظم الأحاديث الواردة هنا أحاديث ثابتة الصحة، والقليل منه الذي ضعفه بعض العلماء هو في فضائل الأعمال وما كان كذلك يعمل به وإن كان ضعيفا.

لا يكاد يخلوا هذا الكتاب من هفوات ونقائص شأنه شأن كل كتاب من تأليف البشر. أما كتاب الله تعالى فهو الكتاب الوحيد الذي يخلو من نقص أو خطأ. فمن وجد في هذا الكتاب خيرا فليحمد الله تعالى ويدعوه تعالى بالقبول ومن وجد غير ذلك فليدع الله تعالى أن يغفر الزلات ويسدد العثرات ولله الأمر من قبل ومن بعد.



إن هناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تحدد أفضل الأعمال، مثل أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وهذا الحديث يعضد حديث الحال المرتحل لأنه حديث عام عن أفضلية الأعمال المستمرة على الأعمال المتقطعة وحديث الحال المرتحل يحدد فضل استمرار تلاوة القرآن.

كما أن هناك أحاديث أخرى تحدد أفضل الأعمال بالجهاد في سبيل الله أو بالحج المبرور وغيرها. ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث جميعا بأن هناك أعمالا مؤقتة هي أفضل من غيرها في أوقات محددة. فإذا حضر الجهاد فهو أفضل عمل حتى من تلاوة القرآن أو الصلاة، وإذا وجب الحج فهو أفضل الأعمال ولا يمنع أدائه من تلاوة القرآن لذلك فإن هذا الحديث حين يشير إلى فضل الاستغراق بتلاوة القرآن لا ينفي فضل أعمال أخرى كما أن إجابات رسول الله ﷺ لمن يسأل من أصحابه كانت أحيانا بحسب حال السائل.

فرب سائل قد حج مرات ومرات يكون استغراقه بتلاوة القرآن أفضل، ورب سائل عند حضور ساعة الجهاد وهو متردد في المشاركة فيه فيكون الجهاد له أفضل الأعمال. ويفهم من الحديث أن للتلاوة فضلا على غيرها من الأعمال بسبب التصاق الإنسان بكتاب الله تعالى الذي هو مفتاح كل خير. وفيه ذكر كل الأعمال الصالحة. كما أن الاستمرار بالتلاوة يجعل المرء بصيرا بنفسه ومراقبا لها لأنه دائم المرور على آيات الوعد والوعيد ومن كان كذلك فأحرى به أن يتذكر ربه ويحسن عمله بين تلاوة وأخرى.
٢- عن عبد الله بن مسعود (٣) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :

" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
رواه الترمذي (٤)

مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها ثابتة في كتاب الله تعالى بقوله ﴿ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾(٥).

وهذا الحديث يثبت أن كل حرف من كتاب الله تعالى هو حسنة تضاعف بعشر أمثالها كقاعدة وفق الآية الكريمة السابق ذكرها. وهذا لا يناقض أحاديث أخرى تشير إلى أن الله تعالى يضاعف الحسنات بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو ربما أكثر. فالحسنات تضاعف أضعافا مضاعفة إن أخلصت النية لله تعالى وإن تسببت في حسنات أخر.

وهذا الحديث يشير في بعض ما يشير إليه خصوصا إلى الحروف من أوائل السور مثالا لا حصرا. هذه الحروف القليلة التي لا يدرك معناها أغلب الناس لهم بتلاوتها حسنات مضاعفة رغم عدم فهم معناها. وهي في الوقت نفسه تثير بالنفوس معاني وإشارات لا حصر لها فكيف بغيرها من آيات الله البينات.

قال سهل بن عبد الله التستري (٦) رضي الله عنه :لو أعطي العبد لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلا الله تعالى وصفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه وإنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه.

ولقد استنبط سلف الأمة الصالح من كتاب الله تعالى علوما جمة أولاها علوم القرآن بما فيها من أسباب النزول وعلوم القراءات والتجويد والمناسخ والمنسوخ وغريب القرآن وخطوط القرآن وإعراب القرآن وترتيب النزول وقصص القرآن وأمثال القرآن وإعجاز القرآن وأحكام القرآن وإحصاء سوره وآياته وحروفه.

كل هذا إضافة إلى علوم التفسير وكل العلوم الشرعية الأخرى فكلها أساسها القرآن. وإن في القرآن إشارات إلى كل العلوم حتى المادية والطبيعية كالفلك والرياضيات والإحصاء والطب والهندسة وعلوم النفس والاجتماع والتأريخ، إلا أن الكتاب الكريم ليس كتابا متخصصا في أي منها فهو كتاب لهداية البشر إلى الصراط المستقيم كما قال الله تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ (٧). وهو ليس لتعليمهم علما خاصا من هذه العلوم رغم عدم تفريطه في شيء كما قال تعالى : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ (٨) وقوله تعالى : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾(٩).

قال بعض العلماء (١٠) :إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم مذخورا لأهله على مقدار ما قسم لهم من ذلك واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن مثل قوله عز وجل : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ وقوله : ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (١١) وقوله : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ (١٢). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن.

٣- عن أبي أمامة (١٣) رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ما أذِنَ الله لعبد من شيء أفضل من ركعتين يصليهما وإن البر لَيُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه " ( يعني القرآن).
د.محمد زكي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ هذا القرآن في مائة حديث نبوي ❝ ❞ الاستقامة في مائة حديث نبوي ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب هذا القرآن في مائة حديث نبوي

نبذة عن الكتاب:
هذا القرآن في مائة حديث نبوي

أما وقد اتخذ عامة المسلمين هذا القرآن مهجورا، فلا أقل من التذكير بفضائله فإن الذكرى تنفع المسلمين.

في هذا الكتاب مائة من أحاديث الرسول ﷺ، تم تبويبها في تسعة أبواب.

تحوي المجموعة الأولى ثمانية أحاديث في فضائل تلاوة القرآن ومكانة قارئ القرآن عند الله في الدنيا والآخرة. وتضم المجموعة الثانية تسعة أحاديث في تعلم القرآن، بينما تحوي المجموعة الثالثة على ثمانية أحاديث أخرى في حفظ القرآن واستظهاره والحذر من نسيانه وفضائل من يحفظ القرآن.

أما لب الكتاب فهو في الباب الرابع ألا وهو العمل بالقرآن. في هذا الباب أربعة عشر حديثا في فضائل العمل بالقرآن وإحلال حلاله وتحريم حرامه والتمسك به والتحذير من ترك العمل به والإعراض عنه فهو وصية الله تعالى ورسوله في المسلمين.

تحوي المجموعة الخامسة من الأحاديث اثني عشر حديثا في كيفية تلاوة القرآن والإعتناء بترتيله وتجويده والاستماع والإنصات والخشوع عند سماعه. وفي الباب السادس مجموعة من ثمانية أحاديث في أوراد القرآن وختمه وتحزيبه والدعاء عند ختمه في ما أثِرَ عن رسول الله ﷺ وأفضل تلاوة القرآن في الصلاة. ففي الأحاديث من ٦٠ - ٧١ بعض ما ورد عن تلاوة رسول الله ﷺ في الصلوات الخمس والسنن والنوافل وعن سجود التلاوة. وقد اختصت بعض سور القرآن الكريم بفضائل على غيرها. من هذه السور الفاتحة والبقرة وآل عمران والكهف ويس والدخان والواقعة والإسراء والزمر والملك والزلزلة والإخلاص والمعوذتين والكافرون. ومن الآيات الكرسي وخواتيم سورة البقرة وخواتيم سورة الحشر. وهذه السور والآيات هي موضوع الباب الثامن الذي يضم ٢١ حديثا والمجموعة الأخيرة من الأحاديث تتكون من ثمانية أحاديث موضوعها الرقية بالقرآن وأخذ الأجر على تلاوته.

هذا الكتاب ليس شرحا للأحاديث الواردة فيه بل هو سرد لمأثورات وتأملات توحيها هذه الأحاديث النبوية الشريفة. ومن أراد المزيد فليرجع إلى أمهات كتب الحديث وشروحها وكتب التفسير. وحسب هذا الكتاب أن يلفت الأنظار إلى أهمية تلاوة كتاب الله وتعلمه وحفظه والعمل به فمن رأى أنه لم يؤد حق كتاب الله كما أمر الله تعالى فعليه أن يعقد العزم على أن يتوب إلى الله وينيب إليه ويسعى إلى رضاه فالله أشد سعيا نحو العبد من سعي العبد نحو ربه إذا ما صدقت نيته وحسن عمله.

تبلغ الأحاديث الواردة في فضائل القرآن الكريم وتفسيره المئات بل ربما الآلاف. وما اختير هنا ما هو إلا أشهرها. ولم نتطرق إلى شيء من التفسير لأن ذلك تختص به كتب التفسير وكتب الحديث المطولة. إن معظم الأحاديث الواردة هنا أحاديث ثابتة الصحة، والقليل منه الذي ضعفه بعض العلماء هو في فضائل الأعمال وما كان كذلك يعمل به وإن كان ضعيفا.

لا يكاد يخلوا هذا الكتاب من هفوات ونقائص شأنه شأن كل كتاب من تأليف البشر. أما كتاب الله تعالى فهو الكتاب الوحيد الذي يخلو من نقص أو خطأ. فمن وجد في هذا الكتاب خيرا فليحمد الله تعالى ويدعوه تعالى بالقبول ومن وجد غير ذلك فليدع الله تعالى أن يغفر الزلات ويسدد العثرات ولله الأمر من قبل ومن بعد.



إن هناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تحدد أفضل الأعمال، مثل أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وهذا الحديث يعضد حديث الحال المرتحل لأنه حديث عام عن أفضلية الأعمال المستمرة على الأعمال المتقطعة وحديث الحال المرتحل يحدد فضل استمرار تلاوة القرآن.

كما أن هناك أحاديث أخرى تحدد أفضل الأعمال بالجهاد في سبيل الله أو بالحج المبرور وغيرها. ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث جميعا بأن هناك أعمالا مؤقتة هي أفضل من غيرها في أوقات محددة. فإذا حضر الجهاد فهو أفضل عمل حتى من تلاوة القرآن أو الصلاة، وإذا وجب الحج فهو أفضل الأعمال ولا يمنع أدائه من تلاوة القرآن لذلك فإن هذا الحديث حين يشير إلى فضل الاستغراق بتلاوة القرآن لا ينفي فضل أعمال أخرى كما أن إجابات رسول الله ﷺ لمن يسأل من أصحابه كانت أحيانا بحسب حال السائل.

فرب سائل قد حج مرات ومرات يكون استغراقه بتلاوة القرآن أفضل، ورب سائل عند حضور ساعة الجهاد وهو متردد في المشاركة فيه فيكون الجهاد له أفضل الأعمال. ويفهم من الحديث أن للتلاوة فضلا على غيرها من الأعمال بسبب التصاق الإنسان بكتاب الله تعالى الذي هو مفتاح كل خير. وفيه ذكر كل الأعمال الصالحة. كما أن الاستمرار بالتلاوة يجعل المرء بصيرا بنفسه ومراقبا لها لأنه دائم المرور على آيات الوعد والوعيد ومن كان كذلك فأحرى به أن يتذكر ربه ويحسن عمله بين تلاوة وأخرى.
٢- عن عبد الله بن مسعود (٣) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :

" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
رواه الترمذي (٤)

مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها ثابتة في كتاب الله تعالى بقوله ﴿ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾(٥).

وهذا الحديث يثبت أن كل حرف من كتاب الله تعالى هو حسنة تضاعف بعشر أمثالها كقاعدة وفق الآية الكريمة السابق ذكرها. وهذا لا يناقض أحاديث أخرى تشير إلى أن الله تعالى يضاعف الحسنات بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو ربما أكثر. فالحسنات تضاعف أضعافا مضاعفة إن أخلصت النية لله تعالى وإن تسببت في حسنات أخر.

وهذا الحديث يشير في بعض ما يشير إليه خصوصا إلى الحروف من أوائل السور مثالا لا حصرا. هذه الحروف القليلة التي لا يدرك معناها أغلب الناس لهم بتلاوتها حسنات مضاعفة رغم عدم فهم معناها. وهي في الوقت نفسه تثير بالنفوس معاني وإشارات لا حصر لها فكيف بغيرها من آيات الله البينات.

قال سهل بن عبد الله التستري (٦) رضي الله عنه :لو أعطي العبد لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلا الله تعالى وصفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه وإنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه.

ولقد استنبط سلف الأمة الصالح من كتاب الله تعالى علوما جمة أولاها علوم القرآن بما فيها من أسباب النزول وعلوم القراءات والتجويد والمناسخ والمنسوخ وغريب القرآن وخطوط القرآن وإعراب القرآن وترتيب النزول وقصص القرآن وأمثال القرآن وإعجاز القرآن وأحكام القرآن وإحصاء سوره وآياته وحروفه.

كل هذا إضافة إلى علوم التفسير وكل العلوم الشرعية الأخرى فكلها أساسها القرآن. وإن في القرآن إشارات إلى كل العلوم حتى المادية والطبيعية كالفلك والرياضيات والإحصاء والطب والهندسة وعلوم النفس والاجتماع والتأريخ، إلا أن الكتاب الكريم ليس كتابا متخصصا في أي منها فهو كتاب لهداية البشر إلى الصراط المستقيم كما قال الله تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ (٧). وهو ليس لتعليمهم علما خاصا من هذه العلوم رغم عدم تفريطه في شيء كما قال تعالى : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ (٨) وقوله تعالى : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾(٩).

قال بعض العلماء (١٠) :إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم مذخورا لأهله على مقدار ما قسم لهم من ذلك واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن مثل قوله عز وجل : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ وقوله : ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (١١) وقوله : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ (١٢). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن.

٣- عن أبي أمامة (١٣) رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ما أذِنَ الله لعبد من شيء أفضل من ركعتين يصليهما وإن البر لَيُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه " ( يعني القرآن). .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

أما وقد اتخذ عامة المسلمين هذا القرآن مهجورا، فلا أقل من التذكير بفضائله فإن الذكرى تنفع المسلمين.

في هذا الكتاب مائة من أحاديث الرسول ﷺ، تم تبويبها في تسعة أبواب.

تحوي المجموعة الأولى ثمانية أحاديث في فضائل تلاوة القرآن ومكانة قارئ القرآن عند الله في الدنيا والآخرة. وتضم المجموعة الثانية تسعة أحاديث في تعلم القرآن، بينما تحوي المجموعة الثالثة على ثمانية أحاديث أخرى في حفظ القرآن واستظهاره والحذر من نسيانه وفضائل من يحفظ القرآن. 

أما لب الكتاب فهو في الباب الرابع ألا وهو العمل بالقرآن. في هذا الباب أربعة عشر حديثا في فضائل العمل بالقرآن وإحلال حلاله وتحريم حرامه والتمسك به والتحذير من ترك العمل به والإعراض عنه فهو وصية الله تعالى ورسوله في المسلمين.

تحوي المجموعة الخامسة من الأحاديث اثني عشر حديثا في كيفية تلاوة القرآن والإعتناء بترتيله وتجويده والاستماع والإنصات والخشوع عند سماعه. وفي الباب السادس مجموعة من ثمانية أحاديث في أوراد القرآن وختمه وتحزيبه والدعاء عند ختمه في ما أثِرَ عن رسول الله ﷺ وأفضل تلاوة القرآن في الصلاة. ففي الأحاديث من ٦٠ - ٧١ بعض ما ورد عن تلاوة رسول الله ﷺ في الصلوات الخمس والسنن والنوافل وعن سجود التلاوة. وقد اختصت بعض سور القرآن الكريم بفضائل على غيرها. من هذه السور الفاتحة والبقرة وآل عمران والكهف ويس والدخان والواقعة والإسراء والزمر والملك والزلزلة والإخلاص والمعوذتين والكافرون. ومن الآيات الكرسي وخواتيم سورة البقرة وخواتيم سورة الحشر. وهذه السور والآيات هي موضوع الباب الثامن الذي يضم ٢١ حديثا والمجموعة الأخيرة من الأحاديث تتكون من ثمانية أحاديث موضوعها الرقية بالقرآن وأخذ الأجر على تلاوته.

هذا الكتاب ليس شرحا للأحاديث الواردة فيه بل هو سرد لمأثورات وتأملات توحيها هذه الأحاديث النبوية الشريفة. ومن أراد المزيد فليرجع إلى أمهات كتب الحديث وشروحها وكتب التفسير. وحسب هذا الكتاب أن يلفت الأنظار إلى أهمية تلاوة كتاب الله وتعلمه وحفظه والعمل به فمن رأى أنه لم يؤد حق كتاب الله كما أمر الله تعالى فعليه أن يعقد العزم على أن يتوب إلى الله وينيب إليه ويسعى إلى رضاه فالله أشد سعيا نحو العبد من سعي العبد نحو ربه إذا ما صدقت نيته وحسن عمله.

تبلغ الأحاديث الواردة في فضائل القرآن الكريم وتفسيره المئات بل ربما الآلاف. وما اختير هنا ما هو إلا أشهرها. ولم نتطرق إلى شيء من التفسير لأن ذلك تختص به كتب التفسير وكتب الحديث المطولة. إن معظم الأحاديث الواردة هنا أحاديث ثابتة الصحة، والقليل منه الذي ضعفه بعض العلماء هو في فضائل الأعمال وما كان كذلك يعمل به وإن كان ضعيفا.

لا يكاد يخلوا هذا الكتاب من هفوات ونقائص شأنه شأن كل كتاب من تأليف البشر. أما كتاب الله تعالى فهو الكتاب الوحيد الذي يخلو من نقص أو خطأ. فمن وجد في هذا الكتاب خيرا فليحمد الله تعالى ويدعوه تعالى بالقبول ومن وجد غير ذلك فليدع الله تعالى أن يغفر الزلات ويسدد العثرات ولله الأمر من قبل ومن بعد.

إن هناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تحدد أفضل الأعمال، مثل أفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وهذا الحديث يعضد حديث الحال المرتحل لأنه حديث عام عن أفضلية الأعمال المستمرة على الأعمال المتقطعة وحديث الحال المرتحل يحدد فضل استمرار تلاوة القرآن.

كما أن هناك أحاديث أخرى تحدد أفضل الأعمال بالجهاد في سبيل الله أو بالحج المبرور وغيرها. ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث جميعا بأن هناك أعمالا مؤقتة هي أفضل من غيرها في أوقات محددة. فإذا حضر الجهاد فهو أفضل عمل حتى من تلاوة القرآن أو الصلاة، وإذا وجب الحج فهو أفضل الأعمال ولا يمنع أدائه من تلاوة القرآن لذلك فإن هذا الحديث حين يشير إلى فضل الاستغراق بتلاوة القرآن لا ينفي فضل أعمال أخرى كما أن إجابات رسول الله ﷺ لمن يسأل من أصحابه كانت أحيانا بحسب حال السائل. 

فرب سائل قد حج مرات ومرات يكون استغراقه بتلاوة القرآن أفضل، ورب سائل عند حضور ساعة الجهاد وهو متردد في المشاركة فيه فيكون الجهاد له أفضل الأعمال. ويفهم من الحديث أن للتلاوة فضلا على غيرها من الأعمال بسبب التصاق الإنسان بكتاب الله تعالى الذي هو مفتاح كل خير. وفيه ذكر كل الأعمال الصالحة. كما أن الاستمرار بالتلاوة يجعل المرء بصيرا بنفسه ومراقبا لها لأنه دائم المرور على آيات الوعد والوعيد ومن كان كذلك فأحرى به أن يتذكر ربه ويحسن عمله بين تلاوة وأخرى.
٢- عن عبد الله بن مسعود (٣) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :

" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
رواه الترمذي (٤)

مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها ثابتة في كتاب الله تعالى بقوله ﴿ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾(٥).

وهذا الحديث يثبت أن كل حرف من كتاب الله تعالى هو حسنة تضاعف بعشر أمثالها كقاعدة وفق الآية الكريمة السابق ذكرها. وهذا لا يناقض أحاديث أخرى تشير إلى أن الله تعالى يضاعف الحسنات بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو ربما أكثر. فالحسنات تضاعف أضعافا مضاعفة إن أخلصت النية لله تعالى وإن تسببت في حسنات أخر.

وهذا الحديث يشير في بعض ما يشير إليه خصوصا إلى الحروف من أوائل السور مثالا لا حصرا. هذه الحروف القليلة التي لا يدرك معناها أغلب الناس لهم بتلاوتها حسنات مضاعفة رغم عدم فهم معناها. وهي في الوقت نفسه تثير بالنفوس معاني وإشارات لا حصر لها فكيف بغيرها من آيات الله البينات.

قال سهل بن عبد الله التستري (٦) رضي الله عنه :لو أعطي العبد لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلا الله تعالى وصفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه وإنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه.

ولقد استنبط سلف الأمة الصالح من كتاب الله تعالى علوما جمة أولاها علوم القرآن بما فيها من أسباب النزول وعلوم القراءات والتجويد والمناسخ والمنسوخ وغريب القرآن وخطوط القرآن وإعراب القرآن وترتيب النزول وقصص القرآن وأمثال القرآن وإعجاز القرآن وأحكام القرآن وإحصاء سوره وآياته وحروفه.

كل هذا إضافة إلى علوم التفسير وكل العلوم الشرعية الأخرى فكلها أساسها القرآن. وإن في القرآن إشارات إلى كل العلوم حتى المادية والطبيعية كالفلك والرياضيات والإحصاء والطب والهندسة وعلوم النفس والاجتماع والتأريخ، إلا أن الكتاب الكريم ليس كتابا متخصصا في أي منها فهو كتاب لهداية البشر إلى الصراط المستقيم كما قال الله تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ (٧). وهو ليس لتعليمهم علما خاصا من هذه العلوم رغم عدم تفريطه في شيء كما قال تعالى : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ (٨) وقوله تعالى : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾(٩).

قال بعض العلماء (١٠) :إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم مذخورا لأهله على مقدار ما قسم لهم من ذلك واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن مثل قوله عز وجل : ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ وقوله : ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (١١) وقوله : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ (١٢). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن.

٣- عن أبي أمامة (١٣) رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ما أذِنَ الله لعبد من شيء أفضل من ركعتين يصليهما وإن البر لَيُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه " ( يعني القرآن).



حجم الكتاب عند التحميل : 120 كيلوبايت .
نوع الكتاب : zip.
عداد القراءة: عدد قراءة هذا القرآن في مائة حديث نبوي

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل هذا القرآن في مائة حديث نبوي
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
د.محمد زكي - D.MHMD ZKI

كتب د.محمد زكي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ هذا القرآن في مائة حديث نبوي ❝ ❞ الاستقامة في مائة حديث نبوي ❝ ❱. المزيد..

كتب د.محمد زكي